کد مطلب:90505 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:243
مُتَعَالٍ عَنِ الأَنْدَادِ، مُتَفَرِّدٌ بِالْمِنَّةِ عَلَی الْعِبَادِ، مُحْتَجِبٌ بِالْعِزَّةِ وَ الْمَلَكُوتِ، مِتَوَحِّدٌ بِالْقُوَّةِ وَ الْجَبَرُوتِ. لاَ تَرَاهُ الْعُیُونُ، وَ لاَ تَعْزُبُ عَنْهُ حَرَكَةٌ وَ لاَ سُكُونٌ. لَیْسَ لَهُ ضِدٌّ وَ لاَ نِدٌّ، وَ لاَ عِدْلٌ وَ لاَ مِثْلٌ. اَلَّذِی اطَّلَعَ عَلَی الْغُیُوبِ، وَ عَفَا عَنِ الذُّنُوبِ. یُطَاعُ بِإِذْنِهِ فَیَشْكُرُ، وَ یُعْصی بِعِلْمِهِ فَیَغْفِرُ وَ یَسْتُرُ. لاَ یُعْجِزُهُ شَیْ ءٌ طَلَبَهُ، وَ لاَ یَمْتَنِعُ مِنْهُ أَحَدٌ أَرَادَهُ. قَدَرَ فَحَلُمَ، وَ عَاقَبَ فَلَمْ یَظْلِمْ، وَ ابْتَلی مَنْ یُحِبُّ وَ مَنْ یُبْغِضُ. خَلَقَ الْخَلْقَ عَلی غَیْرِ أَصْلٍ، وَ ابْتَدَأَهُمْ عَلی غَیْرِ مِثَالٍ. وَ رَفَعَ السَّمَاءَ بِغَیْرِ عَمَدٍ، وَ بَسَطَ الأَرْضَ عَلَی الْهَوَاءِ بِغَیْرِ أَرْكَانٍ، فَمَهَّدَهَا وَ فَرَشَهَا، وَ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءً ثَجَّاجاً، وَ نَبَاتاً رَجْرَاجاً، فَسَبَّحَهُ نَبَاتُهَا، وَ جَرَتْ بِأَمْرِهِ مِیَاهُهَا. فَسُبْحَانَهُ مَا أَعْظَمَ شَأْنَهُ، وَ أَحْسَنَ تَقْدیرَهُ، وَ أَنْفَذَ أَمْرَهُ. اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذِی اسْتَخْلَصَ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ، وَ اسْتَوْجَبَهُ عَلی جَمیعِ خَلْقِهِ. اَلَّذی نَاصِیَةُ كُلِّ شَیْ ءٍ بِیَدِهِ، وَ مَصیرُ كُلِّ شَیْ ءٍ إِلَیْهِ. اَلْقَوِیِّ فی سُلْطَانِهِ، اللَّطیفِ فی جَبَرُوتِهِ[1]. [صفحه 236] إِنْقَادَتْ لَهُ الدُّنْیَا وَ الآخِرَةُ بِأَزِمَّتِهَا، وَ قَذَفَتْ إِلَیْهِ السَّموَاتُ وَ الأَرَضُونَ مَقَالیدَهَا، وَ سَجَدَتْ لَهُ بِالْغُدُوِّ وَ الآصَالِ الأَشْجَارُ النَّاضِرَةُ، وَ قَدَحَتْ لَهُ مِنْ قُضْبَانِهَا النّیرَانَ الْمُضیئَةَ، وَ آتَتْ أُكُلَهَا بِكَلِمَاتِهِ الثِّمَارُ الْیَانِعَةُ. لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطی، وَ لاَ مُعْطِیَ لِمَا مَنَعَ. خَالِقُ الْخَلاَئِقِ بِقُدْرَتِهِ وَ مُسَخِّرُهُمْ بِمَشیئَتِهِ. وَ فِیُّ الْعَهْدِ، صَادِقُ الْوَعْدِ. شَدیدُ الْعِقَابِ، جَزیلُ الثَّوَابِ. لاَ یَجُورُ فی حُكْمِهِ إِذَا قَضی، وَ لاَ یُصْرَفُ مَا أَمْضی، وَ لاَ یُنْسِئُ وَ لاَ یُعَجِّلُ، وَ لاَ یُسْأَلُ عَمَّا یَفْعَلُ. قَریبٌ مِمَّنْ دَعَاهُ، مُجیبٌ لِمَنْ نَادَاهُ، بَرٌّ بِمَنْ لَجَأَ إِلی ظِلِّهِ وَ اعْتَصَمَ بِحَبْلِهِ، حَلیمٌ عَمَّنْ أَلْحَدَ فی آیَاتِهِ. أَحْمَدُهُ وَ أَسْتَعینُهُ عَلی مَا أَنْعَمَ بِهِ مِمَّا لاَ یَعْرِفُ كُنْهَهُ غَیْرُهُ. وَ أَتَوَكَّلُ عَلَیْهِ تَوَكُّلَ الْمُسْتَسْلِمِ لِقُدْرَتِهِ، الْمُتَبَرِّئِ مِنَ الْحَوْلِ وَ الْقُوَّةِ إِلَیْهِ. وَ أَشْهَدُ شَهَادَةً لاَ یَشُوبُهَا شَكٌّ أَنَّهُ لاَ إِلهِ إِلاَّ هُوَ وَحْدَهُ لاَ شَریكَ لَهُ، إِلهاً وَاحِداً صَمَداً، لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَ لاَ وَلَداً، وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ شَریكٌ فِی الْمُلْكِ وَ لَمْ یَكُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبیراً، وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ. قَطَعَ ادِّعَاءَ الْمُدَّعی بِقَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الإِنْسَ إِلاَّ لِیَعْبُدُونِ[2]. وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ صَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَ أَمینُهُ عَلی وَحْیِهِ[3]. أَرْسَلَهُ بِالْمَعْرُوفِ آمِراً، وَ عَنِ الْمُنْكَرِ نَاهِیاً، وَ إِلَی الْحَقِّ دَاعِیاً[4]، عَلی حینِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَ هَفْوَةٍ عَنِ الْعَمَلِ، وَ انْبِسَاطٍ مِنَ الْجَهْلِ[5]، وَ طُولِ هَجْعَةٍ[6] مِنَ الأُمَمِ، وَ انْتِقَاضٍ مِنَ الْمُبْرَمِ، وَ تَنَازُعٍ [صفحه 237] مِنَ الأَلْسُنِ، وَ اعْتِزَامٍ[7] مِنَ الْفِتَنِ، وَ انْتِشَارٍ[8] مِنَ الأَمُورِ، وَ ضَلاَلَةٍ مِنَ النَّاسِ، وَ عَمیً عَنِ الْحَقِّ، وَ اعْتِسَافٍ مِنَ الْجَوْرِ، وَ امْتِحَاقٍ مِنَ الدّینِ[9]، وَ تَلَظٍّ مِنَ الْحُرُوبِ. فَقَفَّی بِهِ الرُّسُلَ، وَ خَتَمَ بِهِ الْوَحْیَ، فَجَاهَدَ فِی اللَّهِ الْمُدْبِرینَ عَنْهُ، وَ الْعَادِلینَ بِهِ. وَ الدُّنْیَا كَاسِفَةُ النُّورِ، ظَاهِرَةُ الْغُرُورِ، عَلی حینِ اصْفِرَارٍ مِنْ وَرَقِهَا، وَ یُبْسٍ مِنْ أَغْصَانِهَا[10]، وَ إِیَاسٍ مِنْ ثَمَرِهَا، وَ اغْوِرَارٍ[11] مِنْ مَائِهَا. قَدْ دَرَسَتْ مَنَارُ الْهُدی، وَ ظَهَرَتْ أَعْلاَمُ الرَّدی. َهِیَ مُتَجَهِّمَةٌ لأَهْلِهَا، عَابِسَةٌ فی وَجْهِ طَالِبِهَا مُكْفَهِرَّةٌ، مُدْبِرَةٌ غَیْرُ مُقْبِلَةٍ، وَ قَدْ أَعْمَتْ عُیُونَ أَهْلِهَا، وَ أَظْلَمَتْ عَلَیْهِمْ أَیَّامَهَا[12]. ثَمَرُهَا الْفِتْنَةُ، وَ طَعَامُهَا الْجیفَةُ، وَ شِعَارُهَا الْخَوْفُ، وَ دِثَارُهَا السَّیْفُ. وَ قَدْ قَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، وَ دَفَنُوا فِی التُّرَابِ الْمَوْؤُدَةَ مِنْ أَوْلاَدِهِمْ. یُخْتَارُ دُونَهُمْ طیبُ الْعَیْشِ، وَ رَفَاهِیَّةُ حُظُوظِ الدُّنْیَا. لاَ یَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ثَوَاباً، وَ لاَ یَخَافُونَ، وَ اللَّهِ، مِنْهُ عِقَاباً. حَیُّهُمْ أَعْمی نَجِسٌ، وَ مَیِّتُهُمْ فِی النَّارِ مُبْلِسٌ[13]. حَتَّی بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ شَهیداً وَ بَشیراً وَ نَذیراً، خَیْرَ الْبَرِیَّةِ طِفْلاً، وَ أَنْجَبَهَا كَهْلاً، أَطْهَرَ الْمُطَهَّرینَ شیمَةً، وَ أَمْطَرَ الْمُسْتَمْطَرینَ دیمَةً، [ فَ ] تَمَّمَ بِهِ الْوَحْیَ، وَ أَنْذَرَ [صفحه 238] بِهِ أَهْلَ الأَرْضِ[14]. فَبَالَغَ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فی النَّصیحَةِ، وَ مَضی عَلَی الطَّریقَةِ، وَ دَعَا إِلَی الْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. بَعَثَهُ وَ النَّاسُ ضُلاَّلٌ فی حَیْرَةٍ، وَ حَاطِبُونَ[15] فی فِتْنَةٍ. قَدِ اسْتَهْوَتْهُمُ الأَهْوَاءُ، وَ اسْتَزَلَّتْهُمُ الْكِبْرِیَاءُ[16]، وَ اسْتَخَفَّتْهُمُ الْجَاهِلِیَّةُ الْجَهْلاَءُ، حَیَاری فی زِلْزَالٍ مِنَ الأَمْرِ، وَ بَلاَءٍ[17] مِنَ الْجَهْلِ. فَجَاءَهُمْ نَبِیُّهُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ بِنُسْخَةِ مَا فِی الصُّحُفِ الأُولی، وَ[18] تَصْدیقِ الَّذی بَیْنَ یَدَیْهِ، وَ النُّورِ الْمُقْتَدی[19] بِهِ، وَ تَفْصیلِ الْحَلاَلِ مِنْ رَیْبِ الْحَرَامِ[20]، ذَلِكَ الْقُرْآنُ، فَاسْتَنْطِقُوهُ، وَ لَنْ یَنْطِقَ لَكُمْ[21]، وَ لكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ. أَلاَ إِنَّ فیهِ عِلْمَ مَا یَأْتی إِلی یَوْمِ الْقِیَامَةِ[22]، وَ الْحَدیثَ عَنِ الْمَاضی، وَ دَوَاءَ دَائِكُمْ، وَ نَظْمَ[23] مَا بَیْنَكُمْ، وَ بَیَانَ مَا أَصْبَحْتُمْ فیهِ تَخْتَلِفُونَ. فَلَوْ سَأَلْتُمُونی عَنْهُ لَعَلَّمْتُكُمْ، لأَنّی أَعْلَمُكُمْ. أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ، فَإِنَّهَا الْعِصْمَةُ مِنْ كُلِّ ضَلاَلَةٍ، وَ السَّبیلُ إِلی كُلِّ نَجَاةٍ. [صفحه 239] فَكَأَنَّكُمْ بِالْجُثَثِ قَدْ زَایَلَتْهَا أَرْوَاحُهَا، وَ تَضَمَّنَتْهَا أَجْدَاثُهَا. فَلَنْ یَسْتَقْبِلَ مُعَمَّرٌ مِنْكُمْ یَوْماً مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ بِانْتِقَاصِ آخَرَ مِنْ أَجَلِهِ[24]. وَ إِنَّمَا الدُّنْیَا مُنْتَهی بَصَرِ الأَعْمی لاَ یُبْصِرُ مِمَّا وَرَاءَهَا شَیْئاً، وَ الْبَصیرُ یَنْفُذُهَا بَصَرُهُ، وَ یَعْلَمُ أَنَّ الدَّارَ وَرَاءَهَا. فَالْبَصیرُ مِنْهَا شَاخِصٌ، وَ الأَعْمی إِلَیْهَا شَاخِصٌ، وَ الْبَصیرُ مِنْهَا مُتَزَوِّدٌ، وَ الأَعْمی لَهَا مُتَزَوِّدٌ. أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْیَا دَارٌ لاَ یُسْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ بِالزُّهْدِ[25] فیهَا[26]، وَ لاَ یُنْجی بِشَیْ ءٍ كَانَ لَهَا. إِبْتُلِیَ النَّاسُ بِهَا فِتْنَةً، فَمَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لَهَا أُخْرِجُوا مِنْهُ وَ حُوسِبُوا عَلَیْهِ، وَ مَا أَخَذُوهُ مِنْهَا لِغَیْرِهَا قَدِمُوا عَلَیْهِ وَ أَقَامُوا فیهِ. [ فَ ] لاَ تَبیعُوا الآخِرَةَ بِالدُّنْیَا، وَ لاَ تَسْتَبْدِلُوا الْفَنَاءَ بِالْبَقَاءِ[27]، وَ لاَ تَجْعَلُوا عِلْمَكُمْ جَهْلاً، وَ یَقینَكُمْ شَكّاً، إِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا، وَ إِذَا تَیَقَّنْتُمْ فَأَقْدِمُوا، فَإِنَّهَا[28] عِنْدَ ذَوِی الْعُقُولِ كَفَیْ ءِ الظِّلِّ، أَوْ زَادِ الرَّاكِبِ[29]، بَیْنَا تَرَاهُ سَابِغاً حَتَّی قَلَصَ، وَ زَائِداً حَتَّی نَقَصَ. وَ قَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَیْكُمْ فِی النَّهْی عَنْهَا، وَ أَنْذَرَكُمْ وَ حَذَّرَكُمْ مِنْهَا، فَأَبْلَغَ. وَ أُحَذِّرُكُمْ دُعَاءَ الْعَزیزِ الْجَبَّارِ عَبْدَهُ، یَوْمَ تُعْفی آثَارُهُ، وَ تُوحَشُ مِنْهُ دِیَارُهُ، وَ یَیْتَمُ صِغَارُهُ، ثُمَّ یَصیرُ إِلی حَفیرٍ مِنَ الأَرْضِ مُتَعَفِّراً عَلی خَدِّهِ، غَیْرَ مُوَسَّدٍ وَ لاَ مُمَهَّدٍ[30]. وَ اعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ مِنْ شَیْ ءٍ إِلاَّ وَ یَكَادُ صَاحِبُهُ أَنْ یَشْبَعَ مِنْهُ أَوْ یَمَلَّهُ إِلاَّ الْحَیَاةَ، فَإِنَّهُ لاَ یَجِدُ لَهُ فِی الْمَوْتِ رَاحَةً. وَ إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْحِكْمَةِ الَّتی هِیَ حَیَاةٌ لِلْقَلْبِ الْمَیِّتِ، وَ بَصَرٌ لِلْعَیْنِ الْعَمْیَاءِ، وَ سَمْعٌ لِلأُذُنِ [صفحه 240] الصَّمَّاءِ، وَرِیٌّ لِلظَّمْآنِ، وَ فیهَا الْغِنی كُلُّهُ وَ السَّلاَمَةُ. أَلاَ وَ إِنَّ أَبْصَرَ الأَبْصَارِ مَا نَفَذَ فِی الْخَیْرِ طَرْفُهُ. أَلاَ إِنَّ أَسْمَعَ الأَسْمَاعِ مَا وَعَی التَّذْكیرَ وَ قَبِلَهُ. فَاعْتَبِرُوا، عِبَادَ اللَّهِ، وَ اذْكُرُوا تیكَ الَّتی آبَاؤُكُمْ وَ إِخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ، وَ عَلَیْهَا مُحَاسَبُونَ. وَ لَعَمْری، مَا تَقَادَمَتْ بِكُمْ وَ لاَ بِهِمُ الْعُهُودُ، وَ لاَ خَلَتْ فیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَهُمُ الأَحْقَابُ وَ الْقُرُونُ[31]، وَ مَا أَنْتُمُ الْیَوْمَ مِنْ یَوْمِ كُنْتُمْ فی أَصْلاَبِهِمْ بِبَعیدٍ. وَ كِتَابُ اللَّهِ بَیْنَ أَظْهُرِكُمْ، نَاطِقٌ لاَ یَعْیَا لِسَانُهُ، وَ بَیْتٌ لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَ عِزٌّ لاَ یُهْزَمُ أَعْوَانُهُ، تُبْصِرُونَ بِهِ، وَ تَنْطِقُونَ بِهِ، وَ تَسْمَعُونَ بِهِ، وَ یَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَ یَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلی بَعْضٍ، وَ لاَ یَخْتَلِفُ فِی اللَّهِ وَ لاَ یُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللَّهِ. وَ اللَّهِ مَا أَسْمَعَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ شَیْئاً إِلاَّ وَ هَا أَنَا ذَا الْیَوْمَ مُسْمِعُكُمُوهُ. وَ مَا أَسْمَاعُكُمُ الْیَوْمَ بِدُونِ أَسْمَاعِهِمْ بِالأَمْسِ، وَ لاَ شُقَّتْ لَهُمُ الأَبْصَارُ، وَ لاَ جُعِلَتْ لَهُمُ الأَفْئِدَةُ فی ذلِكَ الأَوَانِ، إِلاَّ وَ قَدْ أُعْطیتُمْ مِثْلَهَا فی هذَا الزَّمَانِ. وَ اللَّهِ مَا بُصِّرْتُمْ بَعْدَهُمْ شَیْئاً جَهِلُوهُ، وَ لاَ أُصْفیتُمْ بِهِ وَ حُرِمُوهُ. أَیُّهَا النَّاسُ، اسْتَصْبِحُوا[32] مِنْ شُعْلَةِ مِصْبَاحِ وَاعِظٍ مُتَّعِظٍ، وَ اقْبَلُوا نَصیحَةَ نَاصِحٍ مُتَیَقِّظٍ[33]، وَ امْتَاحُوا مِنْ صَفْوِ عَیْنٍ قَدْ رُوِّقَتْ مِنَ الْكَدَرِ، وَ امْتَارُوا مِنْ طَوْرِ الْیَاقُوتِ الأَحْمَرِ[34]. وَ لَقَدْ نَزَلَتْ بِكُمُ الْبَلِیَّةُ جَائِلاً خِطَامُهَا، رِخْواً بِطَانُهَا، فَلاَ یَغُرَّنَّكُمْ مَا أَصْبَحَ فیهِ أَهْلُ الْغُرُورِ. فَمَا احْلَوْلَتِ لَكُمُ الدُّنْیَا فی لَذَّاتِهَا، وَ لاَ تَمَكَّنْتُمْ مِنْ رَضَاعِ أَخْلاَفِهَا، إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا صَادَفْتُمُوهَا جَائِلاً[35] خِطَامُهَا، قَلِقاً وَضینُهَا. [صفحه 241] قَدْ صَارَ حَرَامُهَا عِنْدَ أَقْوَامٍ بِمَنْزِلَةِ السِّدْرِ الْمَخْضُودِ، وَ حَلاَلُهَا بَعیداً غَیْرَ مَوْجُودٍ. وَ إِنَّمَا صَادَفْتُمُوهَا، وَ اللَّهِ، ظِلاًّ مَمْدُوداً إِلی أَجَلٍ مَعْدُودٍ. إِعْمَلُوا، رَحِمَكُمُ اللَّهُ، عَلی أَعْلاَمٍ بَیِّنَةٍ، فَالأَرْضُ[36] لَكُمْ شَاغِرَةٌ، [ وَ ] الطَّریقُ نَهْجٌ یَدْعُو إِلی دَارِ السَّلاَمِ، وَ أَیْدیكُمْ فیهَا مَبْسُوطَةٌ، وَ أَیْدِی الْقَادَةِ عَنْكُمْ مَكْفُوفَةٌ، وَ سُیُوفُكُمْ عَلَیْهِمْ مُسَلَّطَةٌ، وَ سُیُوفُهُمْ عَنْكُمْ مَقْبُوضَةٌ، وَ أَنْتُمْ فی دَارِ مُسْتَعْتَبٍ عَلی مَهَلٍ وَ فَرَاغٍ، وَ الصُّحُفُ مَنْشُورَةٌ، وَ الأَقْلاَمُ جَارِیَةٌ، وَ الأَبْدَانُ صَحیحَةٌ، وَ الأَلْسُنُ مُطْلَقَةٌ، وَ التَّوْبَةٌ مَسْمُوعَةٌ، وَ الأَعْمَالُ مَقْبُولَةٌ. عِبَادَ اللَّهِ، لاَ تَرْكَنُوا إِلی جَهَالَتِكُمْ، وَ لاَ تَنْقَادُوا لأَهْوَائِكُمْ، فَإِنَّ النَّازِلَ بِهذَا الْمَنْزِلِ نَازِلٌ بِشَفَا جُرُفٍ هَارٍ، یَنْقُلُ الرَّدی عَلی ظَهْرِهِ مِنْ مَوْضِعٍ إِلی مَوْضِعٍ، لِرَأْیٍ یُحْدِثُهُ بَعْدَ رَأْیٍ، یُریدُ أَنْ یُلْصِقَ مَا لاَ یَلْتَصِقُ، وَ یُقَرِّبَ مَا لاَ یَتَقَارَبُ. فَاللَّهَ اللَّهَ أَنْ تَشْكُوا إِلی مَنْ لاَ یُشْكی شَجْوَكُمْ[37]، وَ مَنْ یَنْقُضُ[38] بِرَأْیِهِ مَا قَدْ أُبْرِمَ لَكُمْ. إِنَّهُ لَیْسَ عَلَی الإِمَامِ إِلاَّ مَا حُمِّلَ مِنْ أَمْرِ رَبَّهِ: الإِبْلاَغُ فِی الْمَوْعِظَةِ. وَ الاِجْتِهَادُ فِی النَّصیحَةِ. وَ الاِحْیَاءُ لِلسُّنَّةِ. وَ إِقَامَةُ الْحُدُودِ عَلی مُسْتَحِقّیهَا. وَ إِصْدَارُ السُّهْمَانِ عَلی أَهْلِهَا. فَبَادِرُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِ تَصْویحِ نَبْتِهِ، وَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُشْغَلُوا بِأَنْفُسِكُمْ عَنْ مُسْتَثَارِ الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ، وَ انْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تَنَاهُوا عَنْهُ، فَإِنَّمَا أُمِرْتُمْ بِالنَّهْیِ بَعْدَ التَّنَاهی. أَیُّهَا النَّاسُ، مَنْ سَلَكَ الطَّریقَ الْوَاضِحَ وَرَدَ الْمَاءَ، وَ مَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِی التّیهِ. [صفحه 242] أَیُّهَا النَّاسُ، أَنَا أَنْفُ الإیمَانِ. أَنَا أَنْفُ الْهُدی وَ عَیْنَاهُ. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ قَدْ رَضِیَنی لِنَفْسِهِ أَخاً، وَ اخْتَصَّنی لَهُ وَزیراً[39]. أَیُّهَا النَّاسُ، لاَ تَسْتَوْحِشُوا فی[40] طَریقِ الْهُدی لِقِلَّةِ أَهْلِهِ[41]، فَإِنَّ النَّاسَ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلی مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصیرٌ، وَجُوعُهَا طَویلٌ، وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. وَ اعْلَمُوا أَنَّ عَلی كُلِّ شَارِعِ بِدْعَةٍ وِزْرَهُ وَ وِزْرَ كُلِّ مُقْتَدٍ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ إِلی یَوْمِ الْقِیَامَةِ، مِنْ غَیْرِ أَنْ یَنْتَقِصَ مِنْ أَوْزَارِ الْعَامِلینَ شَیْئاً، وَ لَهُمْ بِكُلِّ مَا أَتَوْا وَ عَمِلُوا مِنْ أَفَاریقِ الصَّبِرِ الأَدْهَمِ فَوْقَ مَا أَتَوْا وَ عَمِلُوا[42]. أَصْفَیْتُمْ بِالأَمْرِ غَیْرَ أَهْلِهِ، وَ أَوْرَدْتُمُوهُ غَیْرَ وِرْدِهِ[43]. وَ سَیَنْتَقِمُ اللَّهُ مِمَّنْ ظَلَمَ[44] حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ[45]، مَأْكَلاً بِمَأْكَلٍ، وَ مَشْرَباً بِمَشْرَبٍ، مِنْ مَطَاعِمِ[46] الْعَلْقَمِ، وَ مَشَارِبِ الصَّبِرِ وَ الْمَقِرِ. فَلْیَشْرَبُوا الصُّلْبَ مِنَ الرَّاحِ السُّمِّ الْمُدَافِ، وَ لْیَلْبَسُوا[47] شِعَارَ الْخَوْفِ، وَ دِثَارَ السَّیْفِ، دَهْراً طَویلاً[48]، وَ إِنَّمَا هُمْ مَطَایَا الْخَطیئَاتِ[49]، وَ زَوَامِلُ الآثَامِ. لَقَدْ دَعَوْتُكُمْ إِلَی الْحَقِّ فَتَوَلَّیْتُمْ، وَ ضَرَبْتُكُمْ بِالدِّرَّةِ فَمَا اسْتَقَمْتُمْ. أَمَا إِنَّهُ سَیَلیكُمْ مِنْ بَعْدی وُلاَةٌ لاَ یَرْضَوْنَ مِنْكُمْ بِهَذَا حَتَّی یُعَذِّبُونَكُمْ بِالسِّیَاطِ وَ الْحَدیدِ. وَ سَیَأْتیكُمْ غُلاَمَا ثَقیفٍ: أَخْفَشٌ، وَ جَعْبُوبٌ. [صفحه 243] یَقْتُلاَنِ وَ یَظْلِمَانِ، وَ قَلیلٌ مَّا یَتَمَكَّنَانِ[50]. فَعِنْدَ ذَلِكَ لاَ یَبْقی بَیْتُ مَدَرٍ وَ لاَ وَبَرٍ إِلاَّ وَ أَدْخَلَهُ الظَّلَمَةُ تَرْحَةً، وَ أَوْلَجُوا فیهِ نِقْمَةً. فَیَوْمَئِذٍ لاَ یَبْقی لَهُمْ فِی السَّمَاءِ عَاذِرٌ، وَ لاَ فِی الأَرْضِ نَاصِرٌ. فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ، یَا بَنی أُمَیَّةَ، لَتَحْمِلُنَّهَا[51]، وَ عَمَّا قَلیلٍ لَتَعْرِفُنَّهَا فی أَیْدی غَیْرِكُمْ، وَ فِی دَارِ عَدُوِّكُمْ. فَلاَ یُبْعِدُ اللَّهُ إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ [ مِنْكُمْ ]، وَ عَلَی الْبَادِئِ مَا سَهَّلَ لَهُمْ مِنْ سَبیلِ الْخَطَایَا مِثْلَ أَوْزَارِهِمْ، وَ أَوْزَارِ كُلِّ مَنْ عَمِلَ بِوِزْرِهِمْ إِلی یَوْمِ الْقِیَامَةِ وَ مِنْ أَوْزَارِ الَّذینَ یُضِلُّونَهُمْ بِغَیْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاءَ مَا یَزِرُونَ[52]. فَیَا وَیْحَ بَنی أُمَیَّةَ مِنِ ابْنِ أَمَتِهِمْ، یَقْتُلُ زِنْدیقَهُمْ، وَ یُسَیِّرُ خَلیفَتَهُمْ فِی الأَسْوَاقِ. فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ. وَ الَّذی فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ، لاَ یَزَالُ مُلْكُ بَنی أُمَیَّةَ ثَابِتاً لَهُمْ حَتَّی یَمْلِكَ زِنْدیقُهُمْ. فَإِذَا قَتَلُوهُ وَ مَلَكَ ابْنُ أَمَتِهِمْ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، أَلْقَی اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَیْنَهُمْ، فَ یُخْرِبُونَ بُیُوتَهُمْ بِأَیْدیهِمْ وَ أَیْدِی الْمُؤْمِنینَ[53]، وَ تَعَطَّلُ الثُّغُورُ، وَ تُهْرَاقُ الدِّمَاءُ، وَ تَقَعُ الشَّحْنَاءُ فِی الْعَالَمِ وَ الْهَرْجُ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ. فَإِذَا قُتِلَ زِنْدیقُهُمْ فَالْوَیْلُ ثُمَّ الْوَیْلُ لِلنَّاسِ فی ذَلِكَ الزَّمَانِ. یُسَلَّطُ بَعْضُ بَنی هَاشِمٍ عَلی بَعْضٍ، حَتَّی مِنَ الْغَیْرَةِ یَغیرُ خَمْسَةُ نَفَرٍ عَلَی الْمُلْكِ كَمَا یَتَغَایَرُ الْفِتْیَانُ عَلَی الْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ. فَمِنْهُمُ الْهَارِبُ وَ الْمَشْؤُومُ، وَ مِنْهُمُ السِّنَاطُ الْخَلیعُ. یُبَایِعُهُ جُلُّ أَهْلِ الشَّامِ، ثُمَّ یَسیرُ إِلَیْهِ حِمَارُ الْجَزیرَةِ مِنْ مَدینَةِ الأَوْثَانِ، فَیُقَاتِلُهُ الْخَلیعُ، وَ یَغْلِبُ [صفحه 244] عَلَی الْخَزَائِنِ، فَیُقَاتِلُهُ مِنْ دِمَشْقَ إِلی حَرَّانَ، وَ یَعْمَلُ عَمَلَ الْجَبَابِرَةِ الأُولی. فَیَغْضَبُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ لِكُلِّ عَمَلِهِ، فَیَبْعَثُ عَلَیْهِ فَتیً مِنَ الْمَشْرِقِ یَدْعُو إِلی أَهْلِ بَیْتِ النَّبِیِّ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ. هُمْ أَصْحَابُ الرَّایَاتِ السُّودِ الْمُسْتَضْعَفُونَ. فَیُعِزُّهُمُ اللَّهُ وَ یُنَزِّلُ عَلَیْهِمُ النَّصْرَ، فَلا یُقَاتِلُهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ هَزَمُوهُ. وَ یَسیرُ الْجَیْشُ الْقَحْطَانِیُّ حَتَّی یَسْتَخْرِجُوا الْخَلیفَةَ وَ هُوَ كَارِهٌ خَائِفٌ، فَیَسیرُ مَعَهُ تِسْعَةُ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ، مَعَهُ رَایَةُ النَّصْرِ. وَ فَتَی الْیَمَنِ فی نَحْرِ حِمَارِ الْجَزیرَةِ عَلی شَاطِئِ نَهْرٍ، فَیَلْتَقی هُوَ وَ سَفَّاحُ بَنی هَاشِمٍ، فَیَهْزِمُونَ الْحِمَارَ، وَ یَهْزِمُونَ جَیْشَهُ، وَ یُغْرِقُونَهُمْ فِی النَّهْرِ. فَیَسیرُ الْحِمَارُ حَتَّی یَبْلُغَ حَرَّانَ، فَیَتْبَعُونَهُ، فَیُهْزَمُ مِنْهُمْ. فَیَأْخُذُ عَلَی الْمَدَائِنِ الَّتی بِالشَّامِ عَلی شَاطِئِ الْبَحْرِ حَتَّی یَنْتَهِیَ إِلَی الْبَحْرَیْنِ. وَ یَسیرُ السَّفَّاحُ وَ فَتَی الْیَمَنِ حَتَّی یَنْزِلُوا دِمَشْقَ، فَیَفْتَحُونَهَا أَسْرَعَ مِنِ الْتِمَاعِ الْبَرْقِ، وَ یَهْدِمُونَ سُورَهَا. ثُمَّ یُبْنی وَ یُعَمَّرُ، وَ یُسَاعِدُهُمْ عَلَیْهَا رَجُلٌ مِنْ بَنی هَاشِمٍ اسْمُهُ اسْمُ نَبِیٍّ. فَیَفْتَحُونَهَا مِنَ الْبَابِ الشَّرْقِیِّ قَبْلَ أَنْ یَمْضِیَ مِنَ الْیَوْمِ الثَّانی أَرْبَعُ سَاعَاتٍ، فَیَدْخُلُهَا سَبْعُونَ أَلْفَ سَیْفٍ مَسْلُولٍ بِأَیْدی أَصْحَابِ الرَّایَاتِ السُّودِ. شِعَارُهُمْ: أَمِتْ أَمِتْ. أَكْثَرُ قَتْلاَهَا فیمَا یَلِی الْمَشْرِقَ. وَ الْفَتی فی طَلَبِ الْحِمَارِ. فَیُدْرِكَانِهِ فَیَقْتُلاَنِهِ مِنْ وَرَاءِ الْبَحْرَیْنِ مِنَ الْمَعَرَّتَیْنِ وَ الْیَمَنِ، وَ یُكْمِلُ اللَّهُ لِلْخَلیفَةِ سُلْطَانَهُ. ثُمَّ یَثُورُ سَمِیَّانِ: أَحَدُهُمَا بِالشَّامِ، وَ الآخَرُ بِمَكَّةَ، فَیَمْلِكُ صَاحِبُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَ یُقْبِلُ حَتَّی تَلْقی جُمُوعُهُ جُمُوعَ أَهْلِ الشَّامِ، فَیَهْزِمُونَهُ[54]. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا یَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَا وَ السَّخَطُ، [ فَ ] إِیَّاكُ [ مُ ] وَ مُصَاحَبَةَ أَهْلِ الْفُسُوقِ، [صفحه 245] فَإِنَّ[55] الرَّاضِیَ بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ مَعَهُمْ فیهِ. وَ عَلی كُلِّ دَاخِلٍ فی بَاطِلٍ إِثْمَانِ: إِثْمُ الْعَمَلِ بِهِ. وَ إِثْمُ الرِّضَا بِهِ. أَلاَ[56] وَ إِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ[57] رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَمَّهُمُ اللَّهُ تَعَالی بِالْعَذَابِ لِمَا عَمُّوهُ بِالرِّضَا[58]، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمینَ[59]. وَ قَالَ: فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَیْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا وَ لاَ یَخَافُ عُقْبَاهَا[60]. وَ آیَةُ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطی فَعَقَرَ فَكَیْفَ كَانَ عَذَابی وَ نُذُرِ[61]. فَمَا كَانَ إِلاَّ أَنْ خَارَتْ أَرْضُهُمْ بِالْخَسْفَةِ خُوَارَ السِّكَّةِ الْمُحْمَاةِ فِی الأَرْضِ الْخَوَّارَةِ. یَا مَعْشَرَ النَّاسِ، أَلاَ فَمَنْ سُئِلَ عَنْ قَاتِلی فَزَعَمَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَقَدْ قَتَلَنی[62]. أَلاَ وَ اعْلَمُوا[63] أَنَّ لِكُلِّ دَمٍ ثَائِراً، وَ لِكُلِّ حَقٍّ طَالِباً، وَ إِنَّ الطَّالِبَ لِحَقِّنَا، وَ[64] الثَّائِرَ فی دِمَائِنَا، كَالْحَاكِمِ فی حَقِّ نَفْسِهِ وَ حَقِّ ذَوِی الْقُرْبی وَ الْیَتَامی وَ الْمَسَاكینِ وَ ابْنِ السَّبیلِ، وَ هُوَ العَادِلُ الَّذی لاَ یَحیفُ، وَ الْحَاكِمُ الَّذی لاَ یَجُورُ[65]، وَ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ[66]، الَّذی لاَ یُعْجِزُهُ مَنْ طَلَبَ، وَ لاَ یَفُوتُهُ مَنْ هَرَبَ. فَیَا مَطَایَا الْخَطَایَا، وَ یَا زُورَ الزُّورِ، وَ أَوْزَارَ الآثَامِ مَعَ الَّذینَ ظَلَمُوا، اِسْمَعُوا، وَ اعْقِلُوا، وَ تُوبُوا، [صفحه 246] وَ ابْكُوا عَلی أَنْفُسِكُمْ، فَ سَیَعْلَمُ الَّذینَ ظَلَمُوا أَیَّ مُنْقَلَبٍ یَنْقَلِبُونَ[67]، وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حینٍ[68]. أَسْأَلُ اللَّهَ الَّذی وَعَدَنَا عَلی طَاعَتِهِ جَنَّتَهُ، أَنْ یَقِیَنَا سَخَطَهُ، وَ یُجَنَّبَنَا نِقْمَتَهُ، وَ یَهَبَ لَنَا رَحْمَتَهُ[69].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الأَوَّلِ فَلاَ شَیْ ءَ قَبْلَهُ، وَ الآخِرِ فَلاَ شَیْ ءَ بَعْدَهُ، وَ الظَّاهِرِ فَلاَ شَیْ ءَ فَوْقَهُ، وَ الْبَاطِنِ فَلاَ شَیْ ءَ دُونَهُ.
صفحه 236، 237، 238، 239، 240، 241، 242، 243، 244، 245، 246.
و مصباح البلاغة ج 1 ص 102 عن تفسیر القمی. و نهج البلاغة الثانی ص 98. باختلاف بین المصادر.